- 2 زيارات
وُلدتُ بإعاقة سمعية منذ الطفولة، لكنّي وُلدت أيضًا بين أسرة عظيمة آمنت بي واحتضنتني بكل حب. كانت تتمنى لو أن إعاقتي مجرد حلم، لكنها واجهت الحقيقة بإيمان عميق وقدّمت لي كل ما تملك من دعم لأعيش حياتي مثل باقي إخوتي.
نشأتُ في مدينة الخبر، ومع والديّ كنت أتنقل بين الخبر والظهران بحثًا عن بصيص أمل في مستشفيات وطننا الحبيب بقيادة حكومتنا الرشيدة. كنا نؤمن أن الأمل موجود، وأنّ الله لا يضيع من أحسن الظنّ به.
ومع مرور الوقت، واجهت ابتلاءً آخر حين أُصبت باعتلال في الشبكية وفقدت بصري جزئيًا، فكانت تلك محطة جديدة من الصبر والإيمان. لم أستسلم، وواصلت العلاج والمتابعة على أمل استعادة البصر، مستعينًا بالله ثمّ بعزيمةٍ لا تنكسر.
ورغم كل ما مررت به، أكملت دراستي الثانوية بإصرارٍ كبير. كنت أعيش التحدي كل يوم، خصوصًا بعد الفقد الكبير لوالدي وأختي وأخي في حادث مروّع غيّر ملامح حياتي بالكامل. كانت والدتي تصارع الألم في المستشفى بعد إصابتها بكسور، وإخوتي الصغار كانوا بحاجة لمن يقف بجانبهم، وبعضهم يعاني من إعاقة مثل حالتي.
كانت تلك المرحلة الأصعب في حياتي، لكنها أيضًا كانت نقطة تحوّل جعلتني أقف من جديد وأقول:
لن أسمح للحزن أن يطفئ نوري، ولن أجعل الإعاقة تُطفئ أملي.
انتقلنا بعد ذلك إلى جدة، وهناك بدأت رحلة جديدة مع والدتي لنلملم جراحنا ونواصل الحياة. ومع مرور الأيام، كبر إخوتي وأصبح أخي الأصغر عونًا وسندًا لنا، يجيد لغة الإشارة ويتواصل معي بحبٍ يفوق الكلمات. ثم انتقلنا إلى الرياض لنواصل رحلة الأمل والعلاج والتعليم.
واليوم، وبعد كل ما مررت به، أدركت أن الإعاقة ليست في السمع أو البصر، بل في فقد الإرادة.
أنا محمد، أفتخر أنني صمدت، تعلمت، وواصلت.
تعلمت أن أرى بنور قلبي، وأسمع بنداء الأمل في داخلي، وأعيش بحمد الله كل لحظةٍ بقوةٍ وثقةٍ ويقين.
فما بين الألم والرجاء، كتبت قصة عنوانها: الإصرار يصنع الحياة.