- 4 زيارات
عام 1989 وُلد عبدالله ولادة طبيعية، وعاش طفولة هادئة كغيره من الأطفال. أكمل المرحلة الابتدائية بنجاح، وبدأ أولى خطواته في المرحلة المتوسطة عام 2002.
لكن قبل نهاية العام الدراسي بثلاثة أيام فقط، أصيب بحمى شديدة انتهت بإغماءة طويلة غيّرت مجرى حياته بالكامل.
نُقل عبدالله أولاً إلى مستشفى في المدينة (أ)، وهناك دخل في غيبوبة استمرت أسبوعين. ومع اشتداد حالته، نُقل إلى المدينة (ب) لمستشفى أكثر تطورًا. عند وصوله، قال الطبيب المناوب ببرود:
“ليش تجيبونه؟ هذا جثة ميتة!”
كانت تلك الجملة بداية رحلة إنسانية عظيمة. بعد شهر ونصف من الغيبوبة، استيقظ عبدالله ليجد نفسه مشلولًا شللًا رباعيًا لا يتحكم حتى بعينيه.
يقول:
“كنت أرى الممرضين يقلبونني، ولا أستطيع حتى تحريك نظري باتجاههم. شعرت أني انتهيت.”
انهارت نفسيته تمامًا، وبلغ به اليأس أن دعا على نفسه بالموت. لكنه لم يكن يعلم أن القدر يخبئ له بداية جديدة من قلب المعاناة.
⸻
🌿 نقطة التحول
طلب والده من الطبيب أن يأخذ عبدالله إلى البيت لثلاثة أيام ليُعيد الأجواء الأسرية حوله. رفض الطبيب بداية، لكن أمام إصرار والده وتعهداته بالعناية الكاملة، وافق.
يقول عبدالله:
“أول ما شفت أهلي حولي في البيت، تحولت نفسيتي 180 درجة، صرت أبكي وأقول لأبوي ما أبي أرجع المستشفى.”
وافق الطبيب بشرط أن يراجعه يوميًا.
ومن هنا بدأت معجزة عبدالله. خلال ثلاث سنوات من الإصرار والعلاج الطبيعي، تحسنت حالته من شلل رباعي → نصفي مقعد → نصفي يمشي بعصا.
والسبب كما يقول:
“بعد الله، النفسية أولًا ثم العلاج الطبيعي.”
⸻
🎓 العودة إلى الدراسة
بعد تحسنه، قرر إكمال دراسته، لكن والده خاف عليه من التنمّر، فاختار له مدرسة “تربية فكرية”. دخل عبدالله الفصل وبدأ يشارك بذكاء ودهشة من مستوى الدروس.
“كانوا يدرسون 1+1 وأنا كنت أدرس المساحات والهندسة!”
بعد ثلاث سنوات اكتشف أن التربية الفكرية مخصصة للإعاقات العقلية، بينما إعاقته كانت جسدية فقط. يقول:
“نصف الخطأ علينا لجهلنا، والنصف الثاني على المدرسة اللي ما قيمت قدراتي.”
أنهى المتوسطة الفكرية، ثم توقف عام كامل بعد إلغاء المرحلة الثانوية الفكرية. لكنه لم يستسلم.
تقدّم لاختبارات قياس القدرات العقلية والتواصل الاجتماعي، ونجح بدرجة كاملة، وطلب أن يعيد دراسة المتوسطة من البداية بشكل طبيعي.
أعجب به المشرف والمعلم ودعموه حتى أكمل المتوسطة، ثم الثانوية انتظامًا رغم عمره الذي تجاوز الـ21 عامًا.
⸻
💻 الطريق إلى الجامعة
دخل عبدالله جامعته التي طالما حلم بها: جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، لكنه طُرد منها لاحقًا بسبب عدم تحقيقه المعدل المطلوب في اللغة الإنجليزية.
يقول بكل صدق وشجاعة:
“أنا ما خرجت من الجامعة.. أنا انطردت. والفرق كبير. قول الحقيقة هو أول خطوة لتتخطى الماضي.”
لكن الله كتب له خيرًا أعظم. التحق بـ جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل وتخصص في علوم الحاسب، المجال الذي أحبه منذ أن كان طريح الفراش يتسلى بجهاز اللابتوب.
وفي عام 2013، رفع أول تطبيق له على متجر آبل، لتبدأ قصته الجديدة مع البرمجة والتقنية.
⸻
🏆 من طالب إلى رائد أعمال
مشروع تخرجه لم يكن مشروعًا عاديًا، بل تطبيق يخدم ذوي الإعاقة، حصد جوائز على مستوى الجامعة والمملكة، منها:
• 🥈 المركز الثاني في جامعة الإمام كأفضل فكرة ريادية.
• 🏆 جائزة أفضل منتج ذو تأثير اجتماعي في مسابقة “فكرة” من إنجاز السعودية.
• 🥇 المركز الأول في جائزة الإبداع العلمي لذوي الإعاقة على مستوى المملكة عام 2024.
اليوم، يعمل عبدالله بمفرده على تطوير المشروع كاملًا (front & back-end)، استعدادًا لإطلاقه على متاجر آبل وجوجل.
⸻
✨ رسائل عبدالله الأربع
1. الصبر:
لا تجزع. مهما اشتدت الظروف، الله مع الصابرين.
2. عدم الاستعجال بالحكم:
الطبيب الذي قال “جثة ميتة” قابله عبدالله بعد ثلاث سنوات يسير بعصا. تراجع الطبيب عن كلامه، لكن عبدالله اكتفى بابتسامة العارف بأن العبرة بالخواتيم.
3. التعلم المستمر:
لا يوجد عمر للتعليم. تخرج عبدالله من الجامعة بعمر 35 سنة، وفي نفس الجامعة تخرجت سيدة بعمر 68 سنة وكانت الأولى على دفعتها.
4. الخِيَرة فيما اختاره الله:
ما ظنه شرًا – الطرد من الجامعة – كان سببًا في بلوغه مجاله الحقيقي ونجاحه الكبير.
⸻
💬 يقول عبدالله الشمري:
“لا تلطّف الكلمات عن ماضيك لتخفي وجعك. قل الحقيقة، تقبّلها، ثم انطلق منها.
أنا انطردت من الجامعة، لكني ما استسلمت. واليوم أنا أعمل في المجال اللي حلمت فيه، وأخدم فيه غيري.”
⸻
💡 خلاصة القصة
من سرير العناية المركزة إلى منصات الجوائز، أثبت عبدالله أن الإرادة الصادقة قادرة على إحياء ما tưởng الناس أنه مات، وأن الإعاقة الحقيقية هي في الاستسلام، لا في الجسد.