الصورة
الصورة تُظهر طفلًا مبتسمًا يرتدي قميصًا أبيض، يجلس أمام جهاز كمبيوتر محمول، وبجانبه جهاز إلكتروني يحتوي على أسلاك ملونة، مما يوحي بانشغاله في تجربة علمية أو مشروع ابتكاري. يتوسط الصورة شريط وردي مكتوب عليه: "قصة عبدالله… من صمت التوحد إلى منصات الابتكار".

 

أنا أخصائية اجتماعية في إحدى المدارس، وكان لي الشرف أن أتعرف على طالب استثنائي… اسمه عبدالله. 

منذ أن التحق بالمدرسة، لفت انتباهي بهدوئه الشديد، وبعده عن اللعب مع زملائه. كان يقضي وقت الفسحة بعيدًا، يراقب الأشياء الصغيرة بدقة مدهشة… يحرّك عجلة صغيرة، أو يتأمل الأضواء وكأنه يعيش عالمًا خاصًا. 

 

سألت والدته في أول لقاء بيننا، فابتسمت بحزن وقالت: 

“شخص الأطباء عبدالله بالتوحد منذ كان في الثالثة من عمره… وأنا أحاول أن أفتح له أبواب الحياة.” 

 

⸻ 

 

👶 البدايات 

واجه عبدالله صعوبات كبيرة في التواصل والنطق. لكنني لاحظت شيئًا مهمًا… والدته كانت تفهمه أكثر من أي شخص. كانت تقول لي دائمًا: 

“هو لا يحتاج إلى الشفقة، فقط نحتاج أن نقترب من عالمه بلطف.” 

 

بدأت أتعامل معه بطرق مختلفة: 

• استخدمت الألوان والرسومات معه. 

• دمجت الألعاب الإلكترونية التي يحبها في الحصص. 

وسرعان ما اكتشفنا أن لديه ذاكرة بصرية مذهلة، يحفظ التفاصيل والخرائط وكأنه التقط صورة لا ينساها. 

 

⸻ 

 

💡 التحول الكبير 

في الصف الرابع تقريبًا، جاء والده ليخبرني أنه اشترى له جهاز كمبيوتر. ومن هنا بدأت الحكاية تتغير. 

عبدالله تعلّم استخدام البرامج بسرعة مذهلة، وبدأ يُجرب أشياء لم يتخيلها أحد في عمره: 

• يفك الشفرات البسيطة. 

• يصمم نماذج إلكترونية. 

• يقضي ساعات في البرمجة بتركيز يثير الإعجاب. 

 

ألحقناه ببرنامج خاص لصقل مهارات الأطفال ذوي التوحد، وهناك أدهش المدربين بقدراته الخارقة في المنطق والبرمجة. 

 

⸻ 

 

🧑‍💻 انفجار الموهبة 

في سن 14 عامًا فقط، صمّم عبدالله تطبيقًا يساعد الأطفال ذوي التوحد على التعبير عن مشاعرهم بالرموز. 

قدم المشروع في معرض علمي، وفاز بالمركز الأول على مستوى منطقة حائل. 

 

رفعت اسمه للمشاركة في الملتقى السعودي للتوحد بالرياض. 

هناك، وقف عبدالله أمام الجمهور… لم يتحدث كثيرًا، لكن عينيه اللامعتين وفخره بمشروعه عبّرا عن كل ما لم يقله لسانه. 

 

⸻ 

 

🏅 التكريم والإلهام 

اليوم، قصته نُشرت في الصحف والمجلات التعليمية. 

وأصبح عبدالله قدوة ومصدر إلهام لأسر كثيرة لديها أبناء من ذوي التوحد. 

 

وبصفتي الأخصائية الاجتماعية في مدرسته، لم يتوقف دوري عند حدود المدرسة فقط… بل استمر تواصلي مع أسرته بشكل دائم، لأتابع معهم كل جديد يحققه عبدالله، ولأشاركهم فرحة إنجازاته. 

 

واليوم، لا زلت أشجعه وأدعمه في كل خطوة، وأذكره دائمًا أن ما يقدمه ليس مجرد مشروع، بل رسالة أمل لكل من يشبهه. 

 

⸻ 

 

✨ قصته تذكرني دائمًا أن التوحد ليس عائقًا… بل قد يكون طريقًا لابتكار يغيّر العالم