يستقبل ذوو الإعاقة شهر رمضان بالاستعداد الذاتي لاستقبال فضائله، ومشاركة المجتمع بأفراده في روحانية الشهر، والتفاعل مع برامج وأنشطة المؤسسات الدينية والاجتماعية التي تشهد نشاطاً كبيراً طوال أيام الشهر، ويتواصلون مع المجتمع المحيط بهم بوسائل التقنية الحديثة أو بالمشاركة في الفعاليات المختلفة التي يعيشها المجتمع المحلي.
تحدث الدكتور طارق عبد الرحمن العيسوي استشاري نفسي ومتخصص في ذوي الإعاقة “للشرق” عن تفاعل هذه الشريحة مع الشهر الكريم فقال: إنّ ذوي الإعاقة يستقبلون الشهر كبقية أفراد المجتمع، ولا يوجد اختلاف بينهم وبين الآخرين، سوى أنّ الإعاقات متعددة من حركية ونفسية وذهنية ونمائية وسمعية وغيرها، حيث تستقبل كل الإعاقات الشهر الفضيل ما عدا الإعاقة الذهنية والنمائية.
وأكد أنّ دور الدولة في دمج ذوي الإعاقات في المؤسسات ومع الأفراد في كل القطاعات وفي مختلف أوجه الحياة المجتمعية، أسهم بشكل كبير في عدم شعورهم بالاختلاف عن أقرانهم، وإزالة الخجل الاجتماعي الذي كان يعاني منه البعض .
وبين أن المجتمع أضحى على وعيّ كبير بضرورة دمج هذه الشريحة في مختلف الأنشطة، كما عمل على تقريب المعاقين من المؤسسات المجتمعية، وعمل على تنمية مهاراتهم وأدائهم وتقوية علاقاتهم الاجتماعية والتعاملية، ورفع قدراتهم الأدائية وزاد من مشاركاتهم في الأنشطة.
ونوه بأنّ للأسرة دوراً مهماً في توعية أبنائها من ذوي الإعاقة بأهمية الشهر وفضائله، وتفعيل مشاركاتهم في الفعاليات العامة والبرامج الرمضانية وأنه يقع على الأسرة دور تحفيز أبنائها على القيام بواجبات رمضان من مشاركة المجتمع المحيط بهم من أقرانهم وجيرانهم وأقربائهم في صلوات التراويح وقيام الليل وتلبية احتياجات المعوزين والأسر المتعففة، مبيناً أنّ قيام ذوي الإعاقة بهذه الأنشطة الرمضانية سواء داخل محيطهم الاجتماعي أو المحلي، يعمل على الارتقاء بواجباتهم، ويزيد من تفاعلهم بروحانية الشهر، ويقلل من العزلة الاجتماعية أو الانطوائية ويجعلهم فاعلين ومؤثرين.
وأضاف أنّ الإعاقات متعددة، فصيام الشهر أو الالتزام بواجباته لا يؤثر على ذوي الإعاقات سوى الذهنية والنمائية التي تختلف من شخص لآخر وعلى درجة وعيه بما يدور حوله، فكلما كانت الإعاقة خفيفة فهي لا تمثل عائقاً في التنقل والإدراك أو زيارة المساجد أو التواجد في المشاركات العامة.
وعن دور التكنولوجيا في إعانة المعاقين على التواصل مع الأنشطة المجتمعية أوضح الدكتور طارق العيسوي أنّ الثورة التكنولوجية أوجدت ابتكارات متنوعة تتناسب مع كل إعاقة، فمثلاً الصم يتواصلون بتقنية المشاهدة والأكفاء يتواصلون بتقنية مجهزة للسمع أو الحركة أو اللمس والمعاقون جسدياً يمكنهم التواصل بتقنية الأجهزة التقنية التي تعمل باللمس، مشيراً إلى أنّ الكثير منهم يتواصل مع أقرانه بتكوين مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي أو “جروبات” تعين وتخدم ممن هم من نفس الإعاقة، وهناك وسائل متقدمة في الاتصالات وأجهزة التعارف والمعرفة والخدمية أيضاً.
ونوه بالدور الحيوي للأسر التي تقع على عاتقها مهمة تقريب أبنائها من وسائل التقنية الحديثة التي تعرفهم بالعالم المحيط بهم من أخبار وأحداث في مختلف الجوانب الاجتماعية والإنسانية والبيئية والاقتصادية والرياضية والصحية وغيرها مما يساعدهم على التفاعل مع الواقع.
وقال إنّ الأسر المتفهمة لأحوال أبنائها من ذوي الإعاقة هي التي تمكنت من تجاوز الخجل الاجتماعي وتواصلت مع مجتمعها ومحيطها بشكل فعال وهذا أدى إلى مزيد من دمجهم في أنشطة رياضية وترفيهية واجتماعية وإنسانية وكانوا أفراداً فاعلين، مؤكداً أنّ الأسرة هي اللبنة الحقيقية والأولى في بناء المجتمع وهي المحفزة لأبنائها على ارتياد كل المجالات وتفتح أمامهم الآفاق ليكونوا فاعلين في مجتمعهم وهي التي تمنحهم أيضاً سلوكيات ومهارات يمكنهم بها اجتياز الواقع وصعوباته ثم يأتي بعد ذلك الدور المساند من المؤسسات المحلية والتربوية والأندية والمراكز الشبابية في إثراء الجوانب المعرفية، ودور المدارس في تقوية الجانب المعرفي والتثقيفي من حياة الأفراد.
ووصف الدكتور العيسوي تكامل العمل المؤسسي والأسرة في مساعدة وتقديم العون لذوي الإعاقات كطائر يحلق بجناحين من أجل إنجاح جهود دمجهم في محيطهم الخارجي، منوهاً بأنه يقع على الأسرة العبء الأكبر في تحفيز الأبناء وتنمية قابليتهم للاندماج في المؤسسات المحلية من خلال الأنشطة والبرامج.
وأوضح أنّ التحفيز يعني تقوية الجوانب القوية في كل معاق والعمل على تنميتها وكشف جوانب الضعف ليتم التغلب عليها من خلال الدورات والبرامج والمشاركات الجماعية، داعياً أولياء الأمور والأمهات إلى الاستفادة من البرامج التي تتيحها الدولة لذوي الإعاقة لما فيها الكثير من الفائدة والخير والنفع بما يثري سلوكيات هذه الشريحة بالقوة والإرادة والعزيمة والاجتهاد والمثابرة، وأنه على كل أسرة أن تكون عيناً ثاقبة على تلك البرامج وتحاول الاستفادة منها بقدر الإمكان لأهميتها لنمو المعاق خاصةً إذا كان في مراحل نموه الأولى.
وحث المؤسسات الاجتماعية والمراكز الثقافية على صياغة برامج ثقافية ورياضية وإثرائية للفتيات المعاقات بهدف إنجاح سبل دمجهنّ في الأنشطة والمشاركات العامة، وأن تصاغ برامج ودورات مخصصة للفتيات بمختلف الإعاقات بما يفيدهنّ نفسياً وذهنياً واجتماعياً.