ما هو المتوقع من اكتساب الطفل إلى لغتين في نفس الوقت؟ وكيف سيؤثر اكتساب اللغة الثانية على اللغة الأولى لدى الطفل؟ وهل الطفل الذي يتعلم لغة واحدة سوف تكون له أفضلية لغوية؟
كثيراً ما تتردد هذه التساؤلات لدى أولياء الأمور، في البداية أود تسليط الضوء على معنى ثنائية اللغة.
ثنائية اللغة:
هي بكل بساطة ظاهرة التحدث بلغتين أو أكثر، عادةً تسمى اللغة الاولى – اللغة السائدة- لأنها اللغة التي يتعلمها الطفل أولاً، واللغة الثانية تسمى- اللغة الثانية أو الأخرى.
أنواع ثنائية اللغة:
ثنائية اللغة تنقسم إلى نوعان، بحسب توقيت تعلم اللغة الثانية:
- النوع الأول ثنائية اللغة في وقت واحد”simultaneous bilingualism“:
حيث يتم تعلم لغتين في نفس الوقت فينتج عن ذلك مستوى لغوي موحد أو متقارب بين اللغتين.
- النوع الثاني ثنائية اللغة المتسلسلة ”sequential bilingual”:
ويعرف أيضًا باسم اكتساب/ تعلم اللغة الثانية، حيث يتم اكتساب اللغة الأولى L1، ثم يتم تعلم اللغة الثانية L2، فينتج عن ذلك مستوى مختلف أو متقارب بين اللغة الأولى والثانية.
وذلك يعتمد على عدة عوامل تؤثر على اكتساب اللغة الثانية، من أهمها:
- العمر الذي يبدأ الطفل فيه بالتعرض للغة.
- نسبة التعرض لها: كلما زادت نسبة التعرض زاد مستوى اكتساب اللغة الثانية.
ومن الجميل في الأمر أن الطفل ثنائي اللغة يطور نظام لغوي منفصل لكل لغة ومراحل تعلم كل لغة في كل المجالات، إن كانت الاستيعابية أم التعبيرية، تعتمد على نسبة التعرض لهذه اللغة.
كما أنه لا توجد أدلة علمية تثبت أفضلية التحدث بلغة واحدة للطفل وذلك لتطور لغة صحيحة، ولكن من المهم جدًا أنه عندما يتم التحدث بلغة يجب أن تكون لغة صحيحة خالية من الأخطاء اللغوية التي من السهل على الطفل اكتسابها.
هناك العديد من الأبحاث التي درست ومازالت تدرس الفرق بين ثنائية وأحادية اللغة لدى الأطفال، وكيف يتعامل الطفل مع اللغة الثانية، هذه الدراسات أثبتت أن الأطفال ثنائيو اللغة يمكنهم التفريق بين اللغتين منذ وقت مبكر.
كما أنه عند مقارنة التطور اللغوي بين أطفال ثنائيو وأحادي اللغة:
- وقت البدء في المناغاة
- تطور العمليات الصوتية (phonological processes)
- وقت إنتاج الكلمات الأولى
- معدل تعلم اللغة (rate of learning)
- القدرة على ربط الكلمات لتكوين الجمل والمفاهيم
- ارتكاب الأخطاء اللغوية
وجد أن جميعها تكون مشابهة إلى حد كبير بين الأطفال، وقد يكون حجم المفردات في كل لغة عند أطفال ثنائيو اللغة أصغر عند المقارنة مع أحادي اللغة، ولكن بصورة أشمل، الأدلة تثبت أن آلية التعلم الأساسية متشابهة (basic learning mechanism) وحتى إن كان عدد المفردات أقل فإنه لا يصل للأمر الذي قد يدعو للقلق.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الدراسات التي ركزت على الفرق بين أُحادي وثنائية اللغة من حيث المحصول اللغوي والقدرات الإدراكية والأكاديمية بين الأطفال السليمين ومن لديهم تأخر لغوي إنمائي ومتلازمة داون وفرط حركة وتشتت انتباه، وكانت نتيجة هذه الدراسات أن ثنائية اللغة وأحادية اللغة لا تشكل أي تأثير سواءً كان سلبي أو إيجابي في المحصول اللغوي أو القدرات الإدراكية أو الأكاديمية.
وثنائية اللغة أصبحت ظاهرة متواجدة بشكل كبير حول العالم، حيث أن عدد الأشخاص في العالم ثنائي أو متعددي اللغة يعد أكثر من الأشخاص الذين يتحدثون لغة واحدة فقط، مما يعكس أن تعرض أطفالنا للغة ثانية أصبح أمر أساسي وليس اختياري وحان لنا أن ندرك أن الاعتقادات الشائعة المتعلقة بثنائية اللغة ليست صحيحة حيث أنها لا تؤدي إلى مشاكل في الكلام أو اللغة أو التواصل!