يبدأ الطفل بإصدار كلماته الأولى بعمر السنة تقريبًا. و من ثم ينطلق بعدها تطور مهارات التعبير اللفظي لديه خلال الخمس سنوات الأولى بشكل سريع، فيكتسب كم هائل من المفردات اللغوية، ويبدأ بتكوين الجمل البسيطة ثم المركبة وتصبح جمله أكثر تعقيدًا؛ فبدل أن يقول لك "أعطني البسكوت" سيقول "أعطني البسكوت التي بداخل الدولاب"!
ومع تطور اللغة يزداد وضوح كلام الطفل تدريجيًا. تصل نسبة وضوح كلام الطفل بالنسبة للغرباء -الأشخاص غير المألوفين- كالتالي:
- سنتين (٥٠٪)
- ثلاث سنوات (٧٥٪)
- أربع سنوات (١٠٠-٩٠٪)
ولا يقصد بوضوح الكلام أن الطفل قادر على نطق جميع الأصوات في اللغة بشكل صحيح، فبعض الأصوات تكتسب متأخرًا مثل الجيم /ج/ و الطاء /ط/. ولكن يقصد أن محتوى الرسالة والمقصود من كلمات الطفل واضح. وضوح الكلام مهم جدًا؛ فبدونه لن تستطيع فهم شيء من المتحدث حتى وإن كان كان مسترسل ويسرد لك قصة ومهما كانت لغته معقدة، بل سيبدو لك وكأنه يتكلم لغة لا تفهمها.
يعاني بعض الأشخاص صغارًا كانوا أم كباًرًا من عدم وضوح الكلام لأسباب كثيرة. بعض الأمثلة للمشاكل التي تؤثر على وضوح الكلام الأبراكسيا الكلامية، مشاكل النطق النمائية، مشاكل النطق المرتبطة بالشلل الدماغي وضعف السمع وتأخر في القدرات الإدراكية أومتلازمة داون وغيرها.
وبعض مشاكل وضوح الكلام تكون مكتسبة لدى البالغين نتيجة تأثر مراكز النطق واللغة في الدماغ بسبب أمراض مناعية مثل التصلب اللويحي، الحبسة الكلامية (الأفيزيا)، إصابات الدماغ الرضية، الباركنسون وغيرها.
يوصى بزيارة أخصائي التخاطب في حال وجود مشكلة في وضوح الكلام لدى الشخص. يقوم أخصائي التخاطب بتقييم الحالة بشكل مفصل وإعطائك التوصيات والخيارات المناسبة لتحسين المشكلة.
هناك طرق علاجية متنوعة لتحسين النطق وزيادة وضوح الكلام. تعمد معظم الطرق العلاجية على تغيير سلوك -حركة أعضاء النطق عندك إصدار صوت معين- كلامي. اختيار الطريقة العلاجية يعتمد على نوع مشكلة النطق وشدتها وعمر الشخص.
أيضًا، استخدام وسائل التواصل المعززة أو البديلة لغرض تعزيز التواصل تعد من أكثر الحلول فعالية في دعم وضوح الكلام وإيصال رسالة الشخص عند التواصل مع غيره.
يشعر الأهل بعض الأحيان بالإحباط عند توصية أخصائي التخاطب ببدء التدريب على استخدام وسيلة تواصل بديلة أو معززة. هناك فكرة شائعة بأن البدء باستخدام هذه الوسائل تعني أن الشخص غير قادر على التواصل اللفظي أو أن احتمالية تحسنه أو قدرته على الكلام ضعيفة.
ولكن استخدام وسائل التواصل المعززة أو البديلة يوصى به في كثير من اضطرابات التواصل سواء كانت شديدة أو بسيطة، وذلك لما لها من أثر إيجابي في دعم عملية التعلم والتواصل الفعال في نفس الوقت. كما أن استخدام هذه الوسائل لا يعني بالضرورة أن حالة الشخص شديدة، حتى إذا بدأ الشخص باستخدام هذه الوسائل كطريقة بديلة للتواصل فهذا لا يعني أنه سيستخدمها بهذه الطريقة طيلة حياته. من الممكن جدا أن تصبح للاستخدام المحدود في بعض المواقف مع مرور الوقت والتدريب إذا تطورت مهارات الشخص.
فيما يلي طريقتين لاستخدام وسائل أو أجهزة التواصل المعززة أوالبديلة لدعم وضوح الكلام:
أولاً: استخدام هذه الوسائل كطريقة معززة للتواصل اللفظي بحيث تكون نسبة وضوح الكلام لدى الشخص متوسطة ويحتاجها لبناء لغته أو دعم تواصله في المواقف الاجتماعية.
ثانيًا: إذا كان كلام الشخص واضح بنسبة ٨٠٪ أو أكثر، ولكن يشتكي من عدم فهم الآخرين لكلامه في بعض الأحيان، فيمكن استخدام هذه الوسائل فقط في المواقف الاجتماعية التي يحدث بها خلل في وصول الرسالة أو الفهم بين الشخص وشريك التواصل.
وأخيرًا، إليك بعض التوجيهات التالية التي يمكن اتباعها:
كيف أتصرف عند التواصل مع شخص بالغ لديه مشكلة في وضوح الكلام؟
- اسمع الشخص وأعطه الوقت ليكمل كلامه
- أعد ما فهمته من كلام الشخص وأسأله إذا ما كان هو المقصود، مثل قول "قصدك تبي ترجع الآن؟"
- حاول الاستعانة بالدلائل البيئية المحيطة لمعرفة الموضوع الذي يتحدث الشخص عنه لو أمكن. فمثلا لو كنت في سوبرماركت فمن المحتمل أن يكون يسأل عن غرض معين أو عن سعر منتج
- اطلب من الشخص أن يريك أو يأخذك لما يتحدث عنه
- اطلب من الشخص أن يكتب ما يريد قوله إن أمكن ذلك
كيف أتصرف مع طفل لديه مشكلة في وضوح الكلام؟
- استمع وانتظر الطفل واعطه مساحة للتعبير
- حافظ على التواصل البصري بينك وبين الطفل
- أعطه نموذج صحيح للكلمات ولا تقم بتبسيط الكلمات له حتى ينطقها
- لا تصحح كل كلمة يقولها الطفل ولكن أعد الكلمة أو الجملة بطريقة صحيحة
